السبت، 17 أكتوبر 2009

الإبداع والمفهوم الفلسفي

الإبداع والمفهوم الفلسفي
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( ت 7 ب 5س35 ) حقوق النشر محفوظة

من الطبيعي أنّ الإبداع العلمي يناسبه أن يكون عبارة عن الانتقال من اللاشيء إلى الوجود بغض النظر عن المبادئ الّتي ينتقل عنها إلى وجود ذلك الشيء بعد تمامية المقتضي والشرط وعدم المانع وعندئذٍ يصبح ذلك الوجود في دور الفعلية والتحقق، وعليه يكون الإبداع قد كشف عن وجود جديد يختلف عما عليه الوجودات الأخرى من حيث أصل صيرورتها وتكوينها وما يحمله ذلك الوجود من الخصوصيات والمشخصات والانطباعات الخاصة من حيث المادة والصورة فمثلاً ما يتحدث القرآن عن نشئة الإنسان ابتداءً من التراب ثم إلى النطفة ومنها إلى العلقة ثم إلى المضغة، وبعد ذلك ينقل إلى اللحم والعظام فإنّ كلّ وجود لاحق ومتأخر يختلف في حقيقته
وجوهره عن الوجود السابق بما يحمله من الصفات والمادة الجوهرية المباينة لتلك الماهية السابقة، وهذا ما يصطلح عليه بالابداع التكويني؛ وبذلك تجد القرآن يطلق على ذاته المقدسة بأنه بديع السماوات والأرض وإذا أراد أن يقول للشيء كن فيكون وهو إخراج من اللاشيئية إلى الشيئية.
وأمّا بالنسبة إلى الأمور العرضية الطارئة على المادة فإذا أوجبت تغييرا في الجوهر وهذا محل نظر لدى الفلاسفة كما نشير إلى مايلي:
1 ـ انتقال الكم إلى الكيف.
2 ـ انتقال الكيف إلى الكم.
3 ـ انتقال الكم إلى الكم.
4 ـ انتقال الكيف إلى الكم.
هذه الصور العلمية الّتي ربما يدعى لبعض الفلاسفة صحة هذا الانقلال كما عليه هيجل وعلماء الفيزياء وإن كان الاتجاه الفلسفي التقليدي يأبى ذلك حيث يرى ذلك الأمر الامتناع العقلي لأنّ كل مقولة في جوهرها تبان المقولة الأخرى فلا يمكن أن تتبدل الحقيقة بما هي عليها من الوجود المقولي إلى حقيقة مباينة لها.
ولا يخفى أنّ المراد بالانتقال بما هو يمكن أن يتغير الوجود الكمي إلى الوجود الكمي الآخر، ولكن البحث بالنظر إلى انتقال الكم إلى الكيف، وذلك بما أنّ الكم يحمل ثقلاً نوعيا وهو من الأجسام المادية وهو بطبيعته من العناصر والأجسام الخارجية الّتي يصطلح عليها بالمقولة فتحويل الكم إلى الكيف بناء على النظريات العلمية دون المباني الفلسفية التقليدية فإنه لا يوجب امتناعا لامكان تحويل المادة إلى الطاعة، وهذا من جملة الابداعات العلمية كما في الذرة والمادة النووية الهايدروجينية ونحوها فإنه في حال صيرورتها مادة ذرية أو نووية وإن كان في أصل موضوعها من أقسام المادة وهي من الوجود الكمي وفي حال تحويلها إلى الطاقة تنتقل إلى الوجود الكيفي؛ وبذلك يحصل تغيير وانقلاب من الكم إلى الكيف.
وأمّا بالنسبة إلى انتقال الكيف إلى الكم وذلك في مثل البراكين الّتي توجب انفجار أو اهتزاز هائلاً فيوجب بعد ذلك تعالى السحب وتأجج النيران من أعماق
الأرض وتندفع الشعل البركانية على شكل سيول متدافعة بقوة لهبها وذوبانها على سطح الأرض وبعده ينقلب الوجود الكيفي إلى الصخور المعدنية والفلزات على اختلاف أنواعها، وهذا أيضا من نوع الابداع التكويني حيث أوجب انقلاب الطاقة إلى المادة.
وأمّا دور الانتقال من الكم إلى الكم وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى « ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة » ، فإنّ هذه الآية المباركة تكشف عن ظاهرة الابداع العلمي من حيث دور الانتقال من الكم إلى الكم لأنّ كل ما ينقل إليه الانسان في النشئة قائما كان ذلك بسبب التحول المادي، وهذا مما يتطابق مع الفهم الفلسفي وإن كان بالنظر العلمي أنه من نوع الابداع العلمي لأنّ كلمة الخلق يراد به الابداع وإنّ كلمة الجعل يراد بها المعنى الفلسفي لأنه راجع إلى الوجود الخارجي، وهذا ما عليه موضوع الانقلاب في المفهوم الفقهي الإسلامي وذلك عندما ينقلب الخمر إلى الخل من إنّ كلاً منها في صيرورة المادة دون النظر إلى مفهوم الاستحالة بالمفهوم الاسلامي وإن كان بالنظر الفسفي يعبر عنه بتبدل الصورة النوعية إلى حقيقة أخرى وذلك عندما نجعل الكلب في مملحة فإنه سوف يستحيل إلى وجود الملح ولا يكون منحفظا فيه المادة الحيوانية، وهذا أيضا من مصاديق الابداع العلمي والفلسفي معا.
وأمّا بالنظر إلى انتقال الكيف إلى الكيف وهو ما يطلق عليه بتحول الطاقة إلى طاقة أخرى فتارة يكون التحول من جنسها وأخرى من مقارنات عرضية مغايرة لتلك الحقيقة الأولى ومثال ذلك كتحول النار إلى النور فإنّ كلاً منهما من الوجود الكيفي وهذا أيضا من نوع الابداع العلمي وإنّ مثل هذا الاقسام في أصل واقعها الموضوعي بغض النظر عن مناقشة الفلاسفة في أصل حقيقة الانتقال والتحول أو ما يسمى بالانقلاب في المادة والصورة الّذي عليه العرف الفقهي بالاستحالة فإنّ كل ذلك يمثل حالة من الابداع في الجانب العلمي.
وعليه يتجلى حصول الاختلاف بين النظريتين في ناحية تحول الكم إلى الكيف فعلى مسلك رأي الفلاسفة لا ينظرون إلى تمامية القول بانقلاب الكم إلى
الكيف لأنّ كل مقولة كمية تباين المقولة الكيفية.. وهكذا العكس وأمّا على مسلك الفيزيائيين فيمكن ذلك حيث يصح في تصورهم تحويل الكم إلى الكيف وانتقال المادة إلى الطاقة كما أنّ تحويل الكيف إلى الكم يمكن ذلك أيضا ولا يتم ذلك إلاّ بالوسائل وأجهزة يمكن للمختبرات تحقيق ذلك، وعليه يصح اطلاق الابداع العلمي في المسلك الثاني دون الأول.
وتكون نتيجة هذا التحويل على أنواعه مستند إلى ما في ذاتية الكم أو الكيف من الصلاحية في الإرجاع في االنقلاب والتبدل النوعي إلى كل منهما فإذا تحول الكم إلى الكيف فذاك لما يمر كل واحد في مرحلة التغيير بغض النظر عن الزمان وأثره فإنه لابد أن يؤخذ بعين الاعتبار في ناحية السير الحركي في ناحية الابداع وإنّ قوة الابداع تأخذ حالتها الطبيعية في ناحية الانعكاس فإذا ضم الزمان إلى حالة سير الابداع في ناحية ما عليه تمامية النشئة التكوينية في طرف الكم أو الكيف فتكون من مجموع ذلك حصول النتيجة من حيث جمال الابداع إذا كان لطول الزمان أثر في ناحية الانعكاس على حركة الابداع وقد يكون لقصر الزمان أثره أيضا ويكون بعين ذلك مؤثرا في خلاقية الابداع وجماله وذلك فيما أمر اللّه‏ سبحانه للنار أن تكون بردا وسلاما على إبراهيم عليه‏السلام بذلك الزمان الّذي في دور الاحتراق إلى زمان البرودة، هذا بناء على تمام هذه النظرية في ناحية تصوير انعدام الزمان فيما بين المرحلتين، وهذا ما يمرّ عليه كثير من موارد الاعجاز لسير الأنبياء والأوصياء.
المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

رابط الكتب وملفات وبحوث

رابط الكتب وملفات وبحوث
بسم الله الرحمن الرحيم

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الاول اشعة ج1
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255584133.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الثاني اشعة ج2
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255584470.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الثالث اشعة ج3
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255585088.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الرابع اشعة ج4
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255585426.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الخامس اشعة ج5
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255585753.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء السادس اشعة ج6
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255586017.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء السايع شعة ج7
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255586223.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الثامن اشعة ج8
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255586471.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء التاسع اشعة ج9
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255586692.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء العاشر اشعة ج10
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255586979.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الحادي عشراشعة ج11
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255587317.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الثاني عشر اشعة ج12
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255587509.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الثالث عشر اشعة ج13
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255587745.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الرابع عشر اشعة 14
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255588015.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء الخامس عشر اشعة ج15
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255588248.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء السادس عشر اشعة 16
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255588823.zip

موسوعة الخاقاني كتاب من أشعة الايمان الجزء السابع عشراشعة 17
http://www.loloa.org/uploaded/1232_1255589028.zip

الابداع والأصول الموضوعة

الابداع والأصول الموضوعة
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 ث 4 ف 6 ت 89) حقوق النشر محفوظة

مما يبتنى عليه الابداع العلمي الحصول على الركائز والضوابط العلمية من حيث الأصول الموضوعة أو ما يكون موردا للإرجاع إلى الأصول المسلمة العامة حتى يتولد من خلالها الانقداح في التجديد، ويمكن أن نتناول الأصول الموضوعة أو ما تكون مسلمة عند الجميع بغض النظر عن تجديد مناهجها بحسب كل فن، وإنما تدرس على نحو الأنماط العامة لتكون مأخوذة بنحو القضية المدرسية دون الجهة المذهبية وذلك كما في الوحدة والكثرة وأصالة الماهية وأصالة الوجود والعدد
الزوجي والعدد الفردي في نظر الأصولية الفلسفية التقليدية أو بحسب نظر الهيئة والرياضة أو تقسيم الخط إلى الطويل والمنحني والأفقي والعمودي والمتوازي أو تقسيم الشكل إلى الرباعي والثلاثي والخماسي والمستطيل والدائري ونحوها، أو مثل عدم جواز اجتماع المثلين أو النقيضين أو الضدين، وإنّ ما يرتكز عليه موضوع النقيضين هو عدم اجتماعهما في محل واحد كالوجود والعدم، ولا يمكن ارتفاعهما معاً فلا تقول لا موجود ولا معدوم أو ما يبتنى عليه الاتجاه الفلسفي بعدم اعادة الموجود.
وعليه فالضابطة الأصولية المنطقية أن يكون الثابت بالنظر إلى النقيضين إمّا أن يكون الوجود أو العدم أو أنّ القضية إمّا أن تكون حملية أو شرطية أو تصورية أو تصديقية وهي من الأصولية المنطقية أو أنّ الحركة الجوهرية قائمة على المتغيرات دون الثوابت أو أخذ موضوع التجديد من الأصول المستقرة الثابتة وإنّ التجربة من الأصول المتغيرة أو النظر إلى أصول السنخية في ناحية وحدة الحقيقة النوعية والجنسية أو من حيث الصنفية والمثلية أو من جملة الأصول الموضوعة الارجاع إلى النسب الإضافية أو الحقيقية أو النظر إلى ذات النسبة واختلافها عندما تقع فيما بين الكليين من التساوي أو العموم من مطلق أو من وجه أو التباين أو التساوي وهي أيضا من الأصول المنطقية في مقام معرفة الضوابط الأصولية العامة فيما بين المنتسبين الكليين كما أنّ من جملة الأصول الموضوعة عند الاخلاقيين بالنسبة إلى تعادل الصفات وانتزاع صفة ثلاثية من خلال صفة الافراط والتفريط والرجوع إلى أصول الاعتدال العام والموازنة بين الصفات كالكرم المنتزع من الاسراف والتقتير أو الشجاعة المنتزعة من التهور والجبن.
وكذا من جملة الأصول الموضوعة كإجراء البراءة الأصلية (العقلية ) أو الشرعية الّتي ترتكز عليها أطراف المتشرعة وأصبحت من الأصول الموضوعة الشرعية لديهم وكذا الحال في جريان أصالة الاشتغال عندما تخرج العهدة من قبل المولى والمشرع وتلتحق العهدة في عاتق العبد وبذلك لابدّ من الالتزام في أداء التكليف حيث أنّ المورد من باب الاشتغال لأنّ الذمة قائمة على المكلف ولابدّ من
اتيان التكليف كمن لم يعلم بوقوع النجس في أحد الاناءين فإنه يجب عليه الاجتناب لكل من الطرفين لمنجّزية العلم الاجمالي وكذا من موارد الأصول الموضوعة الاستصحاب وهو من كان لديه اليقين السابق والشك اللاحق فبمقتضى إجراء ما كان على ما كان يكون مورداً للإستصحاب؛ ولذا ورد في ضبط هذه القاعدة الأصولية قوله عليه‏السلام: «لا تنقض اليقين بالشك».
وأيضا من موارد الأصول الموضوعة قاعدة اليقين وهو الحكم بوجود الشيء وترتب آثار وجوده إذا حصل الشك في الوجود بعد العلم به بأنه شك في كون علمه مطابقا للواقع أو مخالفا له فللقاعدة موضوع ومحمول موضوعها الشك الساري في وجود ما تيقن به ومحمولها الحكم بالوجود كما هو الحال في عدالة زيد يوم الخميس، ووقع الشك في يوم الجمعة بأنّ عدالته في ذلك اليوم الخميس قد ارتفعت أم لا فمقتضى القاعدة بقاء العدالة؛ ولذا أنّ قاعدة الاستصحاب لا يسمى بالشك الساري بخلاف قاعدة اليقين فإنّ الشك يسري إلى اليقين.
ثمّ أنّ ما تناولنا في ناحية عرض الأصول الموضوعة تارة بما يقصد بها الأصول المصطلحة وأخرى ما يراد بها الأعم من ذلك فإذا استعرض النحوي أصوله الموضوعة في ناحية أصل الكلمة أو الكلم أو أساس التقسيم لوجود الكلمة هي الإسم والفعل والحرف بما أنها متفرعة عن الكلمة بنحو الحصر العقلي أو الجانب الاستقرائي أو عرض ما يبتني عليه مسائل النحو الّتي أصبحت لديه من الأصول الموضوعة.
أو الرجوع إلى القواعد الصرفية كالاعلال في الكلمة أو مواقع الزيادة والنقصان وما يبتنى عليه الاوزان بالنسبة إلى علم العروض كفعلل وتفعلل ونحوهما فأصبحت أيضا من الأصول الموضوعة بحسب مدرستهم المنهجية العروضية الّتي تبناها الخليل بن أحمد الفراهيدي.
أو بالنسبة إلى القواعد البلاغية والبيان من حيث الحقيقة والمجاز والحذف والاضمار والاظهار والوصل والفصل والتقيدم والتأخير ونحوها فإنّ كل ذلك أيضا من الأصول الموضوعة البلاغية، وعلى هذا يمكن أن نقدم الأصول الموضوعة بما يلي:

1 ـ الأصول الموضوعة العامة.
2 ـ الأصول الموضوعة الخاصة.
فأمّا الأصول الموضوعة العامة، وهي الّتي تشكل مدرسة في جميع المناهج من غير أن تحدد في الشريعة أو القانون أو المجتمعات، وإنما تؤخذ على شكل مدرسي عام وهو ما نعبر عنه بالأصول المنطقية العامة كما في الأصول المعرفية العامة فالإرجاع إلى قانون العلية والمعلولية والسببية والمسببية من القوانين الأصولية العقائدية الّتي لا يمكن أن تؤخذ بجانب محدد كالتحديد لمجتمع أو عرف وإنما تناط بأصول موضوعة عامة غير محددة بشريعة أو متشرعة وإنما تدرس على شكل ضابطة كلية عامة، وهذا بخلاف الارجاع إلى مثل قاعدة الواحد لا يصدر منه إلاّ واحد، هي وإن جاءت على منهج أصولي فلسفي ولكنها لا ترتبط في اطار الأصول الخاصة المناطة في دائرة الفلسفة وضوابطها العلمية.
أو مثل قانون التناقض بما عليه من الشرائط العامة وإن ذكر في مباحث المنطق ولكنها أخذت بنحو الأصول الموضوعة العامة ولا تحدد في الجانب المنطقي وإنما هي من الضوابط الكلية في جميع سلسلة العلوم.
وأمّا الأصول الموضوعة الخاصة وهي وإن جاءت بنحو الضابطة الكلية كما هو الحال في الأصول المقولية والأصولية الماهوية والأصولية الوجودية والأصولية النفعية والأصولية الجمالية والأصولية التاريخية والأصولية الجدلية فإنه بالنظر إلى الأصولية المقولية تختلف بالنسبة إلى حركة الارجاع الاستنباطي من حيث ضوابطها إمّا بالانتقال إلى الأصول الموضوعة كما بالنظر إلى عدم الجمع بين المقولتين وذلك إذا أخذت كل مقولة بنحو الحدية في ناحية ما تبتنى عليه تلك الحيثية الخاصة فلا يمكن أن تكون بعين ذلك أن تجتمع المقولة المحددة مع المقولة الأخرى كمقولة متى وأين والوضع والجِدَة والكيف والكم ونحوها فإنه بآن مقولة كل واحدة منها لا يمكن أن تنتقل إلى الأخرى بحيث تكون متحدة معها بنحو الوحدة الحقيقية فإنّ ذلك من الأمور الممتنعة عقلاً؛ ولذا فإنّ اجتماعها يكون على نحو نسبة التباين بين المقولتين.
ولكن ما يذهب إليه علماء الفيزياء والكيمياء تجدهم يحولون الكم إلى الكيف،
ولكن ما عليه آراء الفلاسفة ينكرون ذلك لأنهم يرون بأنّ المقولة في آن حديتها لا يمكن نقلها إلى مقولة أخرى وأمّا القول بالاستحالة فذاك في فرض إلغاء الحدية مع كلا الطرفين والمورد في حال الاحتفاظ بالحدية لا يمكن الانتقال إلى حدية أخرى لحصول المباينة وبذلك الأصول الموضوعة مستدرجة تحت الأصول الموضوعة العامة.
أو مثل تحويل الاستقراء إلى الاستنباط فإنه بناء على أخذ كل أصل بما هو المحدد له في جهة المعرفية فلا يمكن أن يتحول الاستقراء من الخاص إلى العام أن يكون بعين ذلك أن ينتقل العام إلى الخاص وهو أيضا من نوع المباينة في ناحية الأصول الموضوعة الخاصة إلاّ على ما أشرنا إليه في ناحية الابداع أن يكون هناك حركة توليدية من الاستقراء إلى الاستنباط كما لو جعل الاستقراء من المبادئ الاستنباطية في ناحية حركة الاستنتاج وبذلك يتولد قياس استنباطي من خلال جعل الاستقراء طريقا وهذا ما يتحقق لدى المبدع في مقام استنباطه واستنتاجه.
وما يقال بأنّ ذلك يمكن لكل من يمتلك قوة الاستنتاج أن ينقدح لديه ذلك الأمر فلا يفرق بين المبدع وغيره فإنه يقال فرق في ناحية من يمتلك القوة الاستنباطية في ناحية الجري لطريق الاستنباط وبين من يمتلك القوة في الابتكار في الأصول الموضوعة في ناحية التوليد.
هذا مع أنّ من جملة الأصول الموضوعة العامة والخاصة أيضا مثل البراءة العقلية والشرعية، وكذا في مثل الاشتغال العقلي والاحتياط الشرعي أو ما كان الاستصحاب منظورا إليه من خلال الإمارة الشرعية دون النظر إليه بما له من الموضوعية في ناحية أصل الواقعية الاستصحابية وعليه يكون تصور الأصول الموضوعة الخاصة مصاغة من قبل الشرع؛ ولذا تقع منظورة إليها بما للشارع من الناظرية في مقام جعلها ولا تكون أصولاً موضوعة بنحو العموم والشمول لبقية الحركات العلمية الأخرى كما هو الحال بالنسبة إلى البراءة الأصلية والاشتغال بما هو منوط فيه الجانب العقلي والاستصحاب البنائي فإنّ مبنى الاستصحاب هو ارجاعه إلى البناء العقلائي دون الأمر العقلي؛ ولذا تجد الشارع يوكل الموارد للإستصحابية إلى
العرف بما أنه قائم على الجانب البنائي العقلائي ولا يوكله إلى الجانب الشرعي في ناحية تحديده للموضوعات المستصحبة.
المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري
الابداع والأصول الموضوعة
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 ث 4 ف 6 ت 89) حقوق النشر محفوظة

مما يبتنى عليه الابداع العلمي الحصول على الركائز والضوابط العلمية من حيث الأصول الموضوعة أو ما يكون موردا للإرجاع إلى الأصول المسلمة العامة حتى يتولد من خلالها الانقداح في التجديد، ويمكن أن نتناول الأصول الموضوعة أو ما تكون مسلمة عند الجميع بغض النظر عن تجديد مناهجها بحسب كل فن، وإنما تدرس على نحو الأنماط العامة لتكون مأخوذة بنحو القضية المدرسية دون الجهة المذهبية وذلك كما في الوحدة والكثرة وأصالة الماهية وأصالة الوجود والعدد
الزوجي والعدد الفردي في نظر الأصولية الفلسفية التقليدية أو بحسب نظر الهيئة والرياضة أو تقسيم الخط إلى الطويل والمنحني والأفقي والعمودي والمتوازي أو تقسيم الشكل إلى الرباعي والثلاثي والخماسي والمستطيل والدائري ونحوها، أو مثل عدم جواز اجتماع المثلين أو النقيضين أو الضدين، وإنّ ما يرتكز عليه موضوع النقيضين هو عدم اجتماعهما في محل واحد كالوجود والعدم، ولا يمكن ارتفاعهما معاً فلا تقول لا موجود ولا معدوم أو ما يبتنى عليه الاتجاه الفلسفي بعدم اعادة الموجود.
وعليه فالضابطة الأصولية المنطقية أن يكون الثابت بالنظر إلى النقيضين إمّا أن يكون الوجود أو العدم أو أنّ القضية إمّا أن تكون حملية أو شرطية أو تصورية أو تصديقية وهي من الأصولية المنطقية أو أنّ الحركة الجوهرية قائمة على المتغيرات دون الثوابت أو أخذ موضوع التجديد من الأصول المستقرة الثابتة وإنّ التجربة من الأصول المتغيرة أو النظر إلى أصول السنخية في ناحية وحدة الحقيقة النوعية والجنسية أو من حيث الصنفية والمثلية أو من جملة الأصول الموضوعة الارجاع إلى النسب الإضافية أو الحقيقية أو النظر إلى ذات النسبة واختلافها عندما تقع فيما بين الكليين من التساوي أو العموم من مطلق أو من وجه أو التباين أو التساوي وهي أيضا من الأصول المنطقية في مقام معرفة الضوابط الأصولية العامة فيما بين المنتسبين الكليين كما أنّ من جملة الأصول الموضوعة عند الاخلاقيين بالنسبة إلى تعادل الصفات وانتزاع صفة ثلاثية من خلال صفة الافراط والتفريط والرجوع إلى أصول الاعتدال العام والموازنة بين الصفات كالكرم المنتزع من الاسراف والتقتير أو الشجاعة المنتزعة من التهور والجبن.
وكذا من جملة الأصول الموضوعة كإجراء البراءة الأصلية (العقلية ) أو الشرعية الّتي ترتكز عليها أطراف المتشرعة وأصبحت من الأصول الموضوعة الشرعية لديهم وكذا الحال في جريان أصالة الاشتغال عندما تخرج العهدة من قبل المولى والمشرع وتلتحق العهدة في عاتق العبد وبذلك لابدّ من الالتزام في أداء التكليف حيث أنّ المورد من باب الاشتغال لأنّ الذمة قائمة على المكلف ولابدّ من
اتيان التكليف كمن لم يعلم بوقوع النجس في أحد الاناءين فإنه يجب عليه الاجتناب لكل من الطرفين لمنجّزية العلم الاجمالي وكذا من موارد الأصول الموضوعة الاستصحاب وهو من كان لديه اليقين السابق والشك اللاحق فبمقتضى إجراء ما كان على ما كان يكون مورداً للإستصحاب؛ ولذا ورد في ضبط هذه القاعدة الأصولية قوله عليه‏السلام: «لا تنقض اليقين بالشك».
وأيضا من موارد الأصول الموضوعة قاعدة اليقين وهو الحكم بوجود الشيء وترتب آثار وجوده إذا حصل الشك في الوجود بعد العلم به بأنه شك في كون علمه مطابقا للواقع أو مخالفا له فللقاعدة موضوع ومحمول موضوعها الشك الساري في وجود ما تيقن به ومحمولها الحكم بالوجود كما هو الحال في عدالة زيد يوم الخميس، ووقع الشك في يوم الجمعة بأنّ عدالته في ذلك اليوم الخميس قد ارتفعت أم لا فمقتضى القاعدة بقاء العدالة؛ ولذا أنّ قاعدة الاستصحاب لا يسمى بالشك الساري بخلاف قاعدة اليقين فإنّ الشك يسري إلى اليقين.
ثمّ أنّ ما تناولنا في ناحية عرض الأصول الموضوعة تارة بما يقصد بها الأصول المصطلحة وأخرى ما يراد بها الأعم من ذلك فإذا استعرض النحوي أصوله الموضوعة في ناحية أصل الكلمة أو الكلم أو أساس التقسيم لوجود الكلمة هي الإسم والفعل والحرف بما أنها متفرعة عن الكلمة بنحو الحصر العقلي أو الجانب الاستقرائي أو عرض ما يبتني عليه مسائل النحو الّتي أصبحت لديه من الأصول الموضوعة.
أو الرجوع إلى القواعد الصرفية كالاعلال في الكلمة أو مواقع الزيادة والنقصان وما يبتنى عليه الاوزان بالنسبة إلى علم العروض كفعلل وتفعلل ونحوهما فأصبحت أيضا من الأصول الموضوعة بحسب مدرستهم المنهجية العروضية الّتي تبناها الخليل بن أحمد الفراهيدي.
أو بالنسبة إلى القواعد البلاغية والبيان من حيث الحقيقة والمجاز والحذف والاضمار والاظهار والوصل والفصل والتقيدم والتأخير ونحوها فإنّ كل ذلك أيضا من الأصول الموضوعة البلاغية، وعلى هذا يمكن أن نقدم الأصول الموضوعة بما يلي:

1 ـ الأصول الموضوعة العامة.
2 ـ الأصول الموضوعة الخاصة.
فأمّا الأصول الموضوعة العامة، وهي الّتي تشكل مدرسة في جميع المناهج من غير أن تحدد في الشريعة أو القانون أو المجتمعات، وإنما تؤخذ على شكل مدرسي عام وهو ما نعبر عنه بالأصول المنطقية العامة كما في الأصول المعرفية العامة فالإرجاع إلى قانون العلية والمعلولية والسببية والمسببية من القوانين الأصولية العقائدية الّتي لا يمكن أن تؤخذ بجانب محدد كالتحديد لمجتمع أو عرف وإنما تناط بأصول موضوعة عامة غير محددة بشريعة أو متشرعة وإنما تدرس على شكل ضابطة كلية عامة، وهذا بخلاف الارجاع إلى مثل قاعدة الواحد لا يصدر منه إلاّ واحد، هي وإن جاءت على منهج أصولي فلسفي ولكنها لا ترتبط في اطار الأصول الخاصة المناطة في دائرة الفلسفة وضوابطها العلمية.
أو مثل قانون التناقض بما عليه من الشرائط العامة وإن ذكر في مباحث المنطق ولكنها أخذت بنحو الأصول الموضوعة العامة ولا تحدد في الجانب المنطقي وإنما هي من الضوابط الكلية في جميع سلسلة العلوم.
وأمّا الأصول الموضوعة الخاصة وهي وإن جاءت بنحو الضابطة الكلية كما هو الحال في الأصول المقولية والأصولية الماهوية والأصولية الوجودية والأصولية النفعية والأصولية الجمالية والأصولية التاريخية والأصولية الجدلية فإنه بالنظر إلى الأصولية المقولية تختلف بالنسبة إلى حركة الارجاع الاستنباطي من حيث ضوابطها إمّا بالانتقال إلى الأصول الموضوعة كما بالنظر إلى عدم الجمع بين المقولتين وذلك إذا أخذت كل مقولة بنحو الحدية في ناحية ما تبتنى عليه تلك الحيثية الخاصة فلا يمكن أن تكون بعين ذلك أن تجتمع المقولة المحددة مع المقولة الأخرى كمقولة متى وأين والوضع والجِدَة والكيف والكم ونحوها فإنه بآن مقولة كل واحدة منها لا يمكن أن تنتقل إلى الأخرى بحيث تكون متحدة معها بنحو الوحدة الحقيقية فإنّ ذلك من الأمور الممتنعة عقلاً؛ ولذا فإنّ اجتماعها يكون على نحو نسبة التباين بين المقولتين.
ولكن ما يذهب إليه علماء الفيزياء والكيمياء تجدهم يحولون الكم إلى الكيف،
ولكن ما عليه آراء الفلاسفة ينكرون ذلك لأنهم يرون بأنّ المقولة في آن حديتها لا يمكن نقلها إلى مقولة أخرى وأمّا القول بالاستحالة فذاك في فرض إلغاء الحدية مع كلا الطرفين والمورد في حال الاحتفاظ بالحدية لا يمكن الانتقال إلى حدية أخرى لحصول المباينة وبذلك الأصول الموضوعة مستدرجة تحت الأصول الموضوعة العامة.
أو مثل تحويل الاستقراء إلى الاستنباط فإنه بناء على أخذ كل أصل بما هو المحدد له في جهة المعرفية فلا يمكن أن يتحول الاستقراء من الخاص إلى العام أن يكون بعين ذلك أن ينتقل العام إلى الخاص وهو أيضا من نوع المباينة في ناحية الأصول الموضوعة الخاصة إلاّ على ما أشرنا إليه في ناحية الابداع أن يكون هناك حركة توليدية من الاستقراء إلى الاستنباط كما لو جعل الاستقراء من المبادئ الاستنباطية في ناحية حركة الاستنتاج وبذلك يتولد قياس استنباطي من خلال جعل الاستقراء طريقا وهذا ما يتحقق لدى المبدع في مقام استنباطه واستنتاجه.
وما يقال بأنّ ذلك يمكن لكل من يمتلك قوة الاستنتاج أن ينقدح لديه ذلك الأمر فلا يفرق بين المبدع وغيره فإنه يقال فرق في ناحية من يمتلك القوة الاستنباطية في ناحية الجري لطريق الاستنباط وبين من يمتلك القوة في الابتكار في الأصول الموضوعة في ناحية التوليد.
هذا مع أنّ من جملة الأصول الموضوعة العامة والخاصة أيضا مثل البراءة العقلية والشرعية، وكذا في مثل الاشتغال العقلي والاحتياط الشرعي أو ما كان الاستصحاب منظورا إليه من خلال الإمارة الشرعية دون النظر إليه بما له من الموضوعية في ناحية أصل الواقعية الاستصحابية وعليه يكون تصور الأصول الموضوعة الخاصة مصاغة من قبل الشرع؛ ولذا تقع منظورة إليها بما للشارع من الناظرية في مقام جعلها ولا تكون أصولاً موضوعة بنحو العموم والشمول لبقية الحركات العلمية الأخرى كما هو الحال بالنسبة إلى البراءة الأصلية والاشتغال بما هو منوط فيه الجانب العقلي والاستصحاب البنائي فإنّ مبنى الاستصحاب هو ارجاعه إلى البناء العقلائي دون الأمر العقلي؛ ولذا تجد الشارع يوكل الموارد للإستصحابية إلى
العرف بما أنه قائم على الجانب البنائي العقلائي ولا يوكله إلى الجانب الشرعي في ناحية تحديده للموضوعات المستصحبة.
المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

الإبداع بين الواقع ونسبتي الحقيقة والقيم

الإبداع بين الواقع ونسبتي الحقيقة والقيم
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 ع 0 9 م 8 ) حقوق النشر محفوظة

يتجسد الإبداع في مقولة الحق الواقعي كالارجاع إلى المعرفة الحقة في ذات الواجب لأنّ بانحلالها في اطلاقها على غير الواجب وإن أطلي عليه لباس الواقع إلاّ أنه في أصل تجوهره في معرض الفناء بالإضافة إلى كونه في حال التغيير المستمر لما يرد عليه من الخلع واللبس في الصور المتلاحقة عليه وهذا إما يناسب البحث أولاً عن حقيقة الحق وأقسامه ثم التكلم عن الواقعية والنسبية بالنظر إلى الحقيقة والقيم، وذلك بناء على أنّ مسألة الحق تختلف عن الملكية من حيث عنوانها الاعتباري المحض وإمّا الملكية بالنسبة إلى الواجب فهو المالك الحقيقي الذي يستدعي فيه التأثير التأثر والخلق والايجاد في عامة الموجودات، وعليه يناسب استعراض البحث التكلم على
العناصر الأولية وهي كما يلي:
1 ـ الحق.
2 ـ الملكية.
3 ـ الحكم.
إذ كما حررناه في كتابينا البيع المقارن والزواج والطلاق في رسالات السماء بأنّ الحق أمرا اعتباريا يمكن أن يعرف بأنه ما كان قابلاً للأسقاط، وهذا بخلاف الحكم والولاية العامة فإنهما لا يقبلان الاسقاط.
وعليه فإنّ محتملات الحق تقع على الصور الآتية:
1 ـ ورد الحق بحسب اللغة بمعنى الثبوت والتحقق وأظهر مصاديقه ما كان منطبقا على ذات الواجب سبحانه فالله حق لأنه عين الثبوت والتحقق حيث يعتور أيضا المثل العليا كالأنبياء والملائكة.
2 ـ اختار الفقيه اليزدي في حاشيته على المكاسب بأنّ الحق من نوع الملكية الضعيفة دون الملكية القوية (التامة ) واصطلح عليها بأنه ما كان مقولاً بالتشكيك.
3 ـ ذهب الفقيه العراقي بأنّ الحق من الأمور الواقعية نظير الماهية للوجود ولما كان الحق نظير الوضع ومن الأمور الواقعية فلا يكون أمرا مقوليا.
4 ـ وإمّا بحسب تصور الفقيه الأصفهاني (محمد حسين ) بأنّ الحق من الأمور الاعتبارية وليس بأمر مقولي إلاّ أنّ الذي نعتقده أنّ الحق من الأمور الاعتبارية؛ ولذا تجده مختلفا بحسب الانظار والاعتبارات، وبهذا نخرج نظرية الملكية والواقعية حيث أنّ ملاك الملكية الضعيفة والقوية تلزم أن تقع في دائرة المقولات (التسع ) كالوضع والأين والجدة والفعل والانفعال ونحوها وهذا لا يتناسب مع الأمر الاعتباري كما عرف في مجال المقولة أنها أمّا موجود خارجي وأمّا حيثية موجود خارجي وهذا مما يستدعي أن تكون هذه المقولة غير صالحة للتغير والتبديل بحسب الأنظار والاعتبار وهكذا الحال بالنسبة إلى الواقعية كالكلية والجزئية.
أمّا جعل الحق بمعنى السلطنة كما اختاره الفقيه الاصفهاني فالذي يبدو أنّ السلطنة ليست عين الحق وإنما تعطي صورة عن الملازمة بينهما وبين الحق دون
الإرجاع إلى العينية فيما بين الحق والسلطنة.
كما أنّ ما وجّه في تعريف الحق فيما يقابل الحكم حيث أنّ الحكم كما ذكر في تعريفه ما كان فيه سنخية البعث والزجر والتخيير أو يلحظ فيه جهة الاعتبار الخاص كالأحكام الوضعية وما لم يكن من نوع هذين الأمرين فهو الحق كما ذهب إليه جماعة من الفقهاء.
وقد يرد على الحق إذا كان بمعنى صلاحيته للإسقاط فإنّ بعض المصاديق غير قابلة للإسقاط كحق الولاية العامة للمعصوم عليه‏السلام، وبهذا يشترك مع الحكم ويكون في بعض المصاديق مما ينطبق عليها الحق والحكم معا كحق الحضانة والوصاية والتولية والولاية.
والذي يستقر في تصورنا أنّ الحق ما كان لازمه الإسقاط، وبهذا يصح القول بالفرق بين الحق والحكم وتكون الولاية والحضانة والوصاية والتولية من الأحكام وليس الاسقاط عين الحق بخلاف التحجير والشُفعة وحق النفقة وحق القسمة بين الزوجات والحضانة والحيازة وحق الخيار وحق الشرط وحق الاستمتاع من الرجل بالمرأة والمضاجعة والوط‏ء وحق النطفة للزوجة والرهانة وحق القصاص و الديّة فإنّ مثل هذه الأمور ونحوها من مصاديق الحق دون الحكم لأنها لازمة للإسقاط.
وقد فرق المشهور من فقهاء الإمامية بين الحق والحكم أيضا بصحة الاسقاط في الحق وعدمه في الحكم وإنّ الميزان فيهما إن رجع إلى اللّه‏ فليس قابلاً للإسقاط وإن رجع الأمر إلى العبد كان قابلاً للإسقاط.
وقد ناقش هذه النظرية سماحة والدنا رحمه‏الله بأنّ الميزان ليس صحة الاسقاط إذ من الجائز أن ننقل الكلام إلى الحاكم والمشرع على طبق المصلحة أو الولي إذا شرعا حكما من قبل اللّه‏ تعلى طبقا للمصلحة المحققة في العمل أو المفسدة الكائنة في الفعل حيث أنّ التشريع من ذات اللّه‏ سبحانه لا يتوجه إذ ليس هو تعالى محل الحوادث؛ ولذا يقع الانشاء من النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله والولي فإذا أنشأ النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله أو الولي الحكم فلا يصح له اسقاط الحكم وتكون المصلحة أو المفسدة داعيين إلى جعل الحكم فتعين عليه الجعل التشريعي ولا يمكن اسقاطه وإنّ الفرق بين الحق والحكم عندنا هو الحكم
التكليفي الذي هو سنخ بعث وزجر أو ما فيه الاقتضاء فيكون أمرا تخييريا أو ما فيه الاعتبار الخاص كالملكية والزوجية مما يترتب على ذلك الاعتبار أحكام تكليفية وكل من الحكم التكليفي والوضعي بخلاف الحقوق فإنها سنخ اعتبارات أخرى ليست من أحد السنخين من التكليف والوضع لمصالح تقتضيها خالية عن عنوان البعث أو التخيير والوضع فليس الميزان صحة الاسقاط وعدمه إذا عممنا الحق لما يصح إسقاطه .
ومما ذكرنا يتضح عدم صحة الالتزام بما اختاره الوالد رضوان اللّه‏ عليه وغيره لكون الحق ما تجرد عن حقيقة الباعثية والزاجرية إذ صفة التجرد والتخلي لا يعطي حقيقة التعريف لذات الحق كما ترتسم بذلك أيضا في صفة الحكم الوضعي فإنه أيضا مجرد عن الباعثية والزاجرية.
وإنما الأثر الذي يكون قريبا للحق هو السقوط فيمكن أن نعرّفه بآثارة القريبة اللازمة له فإذا اصطدمنا ببعض المصاديق فلابدّ من عرضه على صلاحية الاسقاط وعدمه التي تستفاد من الأدلة فتكون في مثل النفقة في مورد البحث إذا اسقطتها الزوجة لزمت في حقها فلو قالت للزوج أنا أخدم نفسي ولي نفقة الخادم لا يثبت حقها عليه لكون التخيير وقع في طرف الخدمة إليه أمّا لو بادرت بالخدمة من غير إذن فقال في كتاب الشرائع لم يكن لها المطالبة إلاّ أنّ التأمل يقضي ثبوت الحق عليه ما لم يظهر منها الاسقاط الصريح .

الحق في نظر القانونيين الوضعيين
تقوم فكرة الحق على أساس كونها مكنة أو سلطنة يعترف بها القانون للفرد وقد قام بالدفاع عن هذه الفكرة جماعة من القانونيين الطبيعيين والمذهب الفردي إلاّ أنّه ذهب جماعة أخرى تعارض المذهب الفردي مثل (ديجي) في فرنسا و (هاتز كلس) في النمسا حيث أنّ فكرتهما قائمة على الواقعية الاجتماعية لأنها تقوم على فكرة
الواجب والوظيفة الاجتماعية بخلاف الإرجاع إلى القانون الفردي حيث أنها تقوم على الاستئثار والتسلط الفردي.
ويرتكز أيضا وفكرة الحق على النظرية الشخصية والنظرية الموضوعية والنظرية المختلطة والمراد من النظرية الشخصية حيث ينظر إلى الحق من زاوية شخصية فيكون الحق على هذا بأنه قدرة إرادية يخولها القانون لشخص معين في نطاق محدد .
وقد نوقشت هذه النظرية بأنّ تعريف الحق على أساس وجود الإرادة لاكتساب الحق في حين أنّ القانون يقرر الحقوق لبعض الأشخاص بغض النظر عن انعدام الإرادة لديهم كالمجنون والصبي عدم التمييز كما تقرر الحقوق لبعض تجمعات الأموال والأشخاص التي يضفي عليها القانون الشخصية الاعتبارية كالشركات والجمعيات والمؤسسات.
وأخيرا فإنّ الحقوق قد تثبت للشخص بغير علمه ولو كانت الإرادة هي مناط اكتساب الحق كان ذلك في الإمكان ففي جميع هذه الفروض يتقرر رغم أنّ صاحبه عديم الإرادة أو رغم أنه ليس شخصا طبيعيا أصلاً ورغم تخلف علمه باكتساب الحق .
وقد دفع هذا الاعتراض (دابان) بأن ممارسة الحق قد تكون بأعمال مادية ولا تقتضي بالتالي وجود إرادة مدركة فالمجنون والصبي غير المميز يمارس حق الملكية في صورة الاستعمال مع أنّ كلاً منهما فاقد التمييز والإرادة .
ويكون الملاحظ من مجموع هذا العرض بأنّ الإرادة تارة من حيث وجودها وأخرى من حيث مبادئها كالتصور لوجود الشيء والميل إليه والهيجان والاندفاع وتحريك العضلات فكل ذلك يقع من آثار الحق وليست الإرادة ومبادئها مثبتة لوجود الحق.

وأمّا الجانب النظري لوجود الحق أو ما يصطلح عليه بطبيعي الحق فإنّ تعريف الحق بأنه مصلحة مشروعة يجبها القانون كما سار بهذه النظرية (أهرنج) الالماني.
ولكن الذي يبدو منه أنّ عنوان الحق قائم على عنصرين وهما المصلحة وحماية القانون إلاّ أنّ هذه النظرية قد ناقشها دابان وقال بأنه قد عرف الحق بالغاية التي تسعى إليها وليس بالعناصر التي تتكون منها ماهيته.
ووردت مناقشة أخرى في جعل الحق مصلحة حيث جعلت من الحماية القانونية عنصراً اشكاليا في الحق مع أنّ الحماية القانونية وما يستتبعها من حماية قضائية في صورة الدعوة هي مجرد وسيلة للدفاع عن الحق وما بالتالي نتيجة تالية في وجودها لوجود الحق ذاته فالحق لا يعتبر حقا لأنّ القانون يحميه بدعوى ولكن الصحيح أنّ القانون يحميه بدعوى لأنه حق .
أمّا النظرية المختلطة فتقوم على الإرادة والمصلحة بمعنى أنّ الحق مكون من الإرادة والمصلحة ولكنهم بين اتجاهين.
1 ـ أنّ الحق هو سلطة الإرادة وأنها هي العنصر في جانب الحق إلاّ أنّ القانون الوضعي يضفي عليها اعترافه وتنطبق السلطة على المال والمصلحة.
2 ـ إنّ الحق يكون في جانب المصلحة والقانون يكون حاميا ومعترفا بها فالمصلحة تكون على هذا التعبير عنصراً للحق .
أمّا فكرة المناوئة للحق كمذهب (ديجي) حيث يعتبر الحق بأنه سلطة تخول للفرد مكنه فرض إرادته على المجتمع وعلى الأفراد الآخرين وأشار (ديجي) إلى وجه المناقضة بين إلزامه هنا بخضوع فرد الإرادة وآخر بين ما رتب عليه في القانون الوضعي بأنّ القواعد القانونية لا تسمح بوجود حق للشخص أو إلتزام على عاتقه .
وقد تصدى لحل المناقضة بتقديم بعض الفروض وذلك مثلاً حينما تقع جريمة جنائية فإنه لا يمكن القول بوجود حق معين لا قبل ارتكاب الجريمة ولا بعد
وقوعها فحين تقع الجريمة فإنّ أجهزة الدولة تتحرك بحثا عن الفاعل لكي تقيم ضده دليل الإدانة ثم يحكم عليه وأخيرا يطبق عليه العقاب .
فإنّ هذه الصورة لا يمكن للشخص التمتع بالحق مع كون القانون قد جوز له إقامة الدعوى إلاّ أنّ نظر القانون في علاقة الفرد مع الأفراد بأن تضعه في مركز يرتبط فيه بالأفراد الآخرين في إطار من الإلتزام باتخاذ موقف إيجابي أو سلبي فالقاعدة القانونية تقتضي من كل من أن يؤدي مهمة معينة وتخوله سلطة اتخاذ الاجراءات أو القيام بالأعمال للوفاء بتلك المهمة .
ويبدو من تعبيره أن وجود علاقة الفرد بالآخرين مما توجب الإلتزام وتحمل المسؤولية من قبل الفرد في ظل القانون.
وأمّا نظره إلى المركز الموضوعي وهو الذي يتكون من دائرة القاعدة القانونية سواء حصل على جهة مباشرة أم جهة غير مباشرة بأن جاء عن طريق عمل إرادي يحدده، ومن أمثلة المركز الموضوعي عن المالك والناخب والطفل الشرعي والزوج ففي جميع هذه الحالات يتسم المركز القانوني بأنه عام ودائم شأن القاعدة القانونية ذاتها.
وأمّا المركز الشخصي فيراه أنّه الذي يعكس تحقيقا للقاعدة القانونية في حالة فردية أي هو المظهر الشخصي للقاعدة الموضوعية والمثل الواضح لهذا المركز هو ما ينشأ عن العقد ولكن لا يجوز في مثل هذه الحالة أن نتحدث عن حق للشخص لأننا لسنا بصدد سمو إرادة أخرى ولكننا في صدد مجرد واجب تفرضه القاعدة القانونية على الطرف السلبي، وهذا الأخير يندمج في علاقات النظام الاجتماعي التي تفرض عليه موضوعيا أداء بعض التصرفات والامتناع عن البعض الآخر وذات المنطق يسري بالنسبة للطرف الايجابي فالفرد المستفيد إنما يتمتع بهذه الميزة نزولاً على مقتضى ما فرضه النظام القانوني .

وذهب (كلسن) إلى انكار الحق الفردي وما يسمى بالحق ليس إلاّ تمسكا بأن ينفذ الطرف الآخر واجبه ويكون الحق نوع تطبيق القاعدة القانونية على هذا الفرد أو ذاك الفرد ويبدو أن (ديجي) وكلسن اتجها إلى ناحية الحكم من زاوية القانون والأنظمة الاجتماعية وحصر (دابان) عناصر الحق في أربعة:
1 ـ عنصر الاختصاص ويراد به نسبة الحق لشخص معين ولكنه انتقد هذا الاتجاه وقال بأنّ الاختصاص تعبير عن التملك.
2 ـ عنصر التسلط ويتمثل في القدرة على التصرف بأنّ التسلط لا يشترط ممارسة الحق فعلاً كالطفل لا يمارس الحق إلاّ بعد زوال دور الطفولة بينما يرى أنّ تمييز التسلط هو جدية التصرف وليس الممارسة الفعلية.
3 ـ ثبوت الحق في مواجهة الغير وهو إلزام الغير باحترام الحق.
4 ـ الحماية القانونية ويتصور ذلك من قبل المجتمع في الحفاظ على القانون أو يمكن القول بأنّ عنصر التسلط وثبوت الحق في مواجهة الغير والحماية داخلة تحت عنصر الاختصاص كما يقول الدكتور حمدي أمّا العناصر الأخرى فهي مترتبة على العنصر الأول .
وعلى ضوء ما حررناه يمكن القول بأنّ الفردية تقوم على أساس الحق بخلاف الواقعية فإنها تقوم على أساس الحكم ويبدو من ذلك أنّ فكرة الحقية والحكمية نابعة عن الفردية والواقعية الاجتماعية، وهذا ليس بفارق جوهري حيث لا ينتزع الحق من الفرد ولا ينتزع الحكم من المجتمع وإنما الحق بما أنه من سنخ الاعتبار وقائم على الجعل فيكون بذلك قابلاً للإسقاط والحكم على خلافه لم يكن صالحا للإسقاط وإن لم يكن الحق عين مفاد الاسقاط وإنما هو لازم له وأقرب الآثار إليه.
وأمّا الإرادة فليست مقومة للحق كما أنها ليست عين الحكم، وإنما هي من مبادئه كما أنها ليست مأخوذة بنحو الجزء للماهية ولا عينها وإنما الإرادة تقع بنحو المعد لوجود الشيء.

وأمّا دور القانوني فإضفاؤه على الحق بنحو الإمضاء والتقرير لا يكون موجبا وسببا لخلق ماهية الحق وإنما يعطيه قيمته من الاعتبار الخاص في نظر المعتبرين كما أنه ليست السلطة والمصلحة حقيقة الحق وإنما هما من آثار الحق وليستا عينه.
ثم أنّ الحق ينقسم إلى قسمين:
1 ـ الحق العام.
2 ـ الحق الخاص.
أمّا الحق العام فيراد به مطلق الثبوت ويدخل في دائرته الواجب سبحانه فيقال (اللّه‏ حق) وهو عين الثبوت وهذا من حيث الوجود المطلق ويدخل في دائرته أيضا وجود الأنبياء والأولياء والملائكة وهو الحال بالنسبة إلى دائرة الممكنات فيطلق عليها الحق أيضا.
كما يدخل في دائرته الخبر فيقال للخبر حق إذا كان النظر إلى جهة الصدق وأيضا يدخل في دائرته الأحكام الوضعية كالصحة والبطلان أو مثل الزوجية والرقية والحرية وكذا يدخل في دائرته أيضا الأحكام التكليفية كحق اللّه‏ على العباد في الطاعة وعدم العصيان وحق العباد على اللّه‏ في تكليفهم بما يستطيعون عليه ولا يكلفهم بما لا سبيل على امتثاله وقدرته.
و المراد بالحق الخاص ما كان مقابلاً للحكم من البعث والزجر والتخيير أو ما يقابل الحكم الوضعي كالملكية والزوجية والرقية ونحوها.
المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

الجمعة، 16 أكتوبر 2009

الإبداع بين المحورية والآفاقية

الإبداع بين المحورية والآفاقية
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 ن ع 7 5 ب4 ي3) حقوق النشر محفوظة
بما أنّ موضوع المحورية يقوم على المركزية ويدور عليه قطب الرحى سواء كان ذلك من طرف الدفع أو الرفع أو الطرد والعكس؛ ولذا أنّ جميع العلوم تقوم على المحورية تارة بما أنها الصلب في ناحية الموضوع العلمي كموضوع الكلمة والكلام في النحو أو المعلوم التصوري والتصديقي في المنطق أو موضوع العدد في العلم الرياضي أو الكم امتصل في علم الهندسة، وأخرى بما أنها ناظرة إلى الحمل كما في مسألة الأعراب والبناء بما أنهما يحملان على الكلمة والكلام أو المعرف والحجة بما أنهما يعرضان على المعلوم التصوري والتصديقي.
وبذلك يطلق المحور على محور الأرض وهو الخط الوهمي يصل القطب الشمالي بالقطب الجنوبي مارا بمركز الأرض ومن حوله تدور الأرض على نفسها كل 24 ساعة ولمحور الأرض ميل ثابت مقداره 5/66 درجه على مستوى مدار الأرض الفلكي ووضعه ثابت لا يتغير في كل فصول السنة .

والمهم في البحث هو الانطلاق نحو علاقة الإبداع بالمحورية حيث أنّ ما يرتكز عليه موضوع الإبداع هو التجدد في الأمر الاستنباطي أو التجدد في الأمر الاستقرائي، ولكن لكل من الجانب الاستنباطي والاستقرائي يأخذان شكلاً حركيا قد يصل كل واحد منهما إلى المحورية في البحث ويكون ذلك مسلما عند الجميع وقد يكون النظر إلى المحورية على أساس من اليقظة العلمية بأن تصبح جميع الحركات
مستندة إليها بما أنها تحمل الطاقة العظمى كما في المفاعلات النووية حيث إرجاع كافة الحركات إليها سواء كانت إيجابية أم سلبية أو كالارجاع إلى مثل القواعد الأصولية أو الفقهية أو الفلسفية أو العقائدية أيضا تعكس حالة من المحورية وهي في واقعها الموضوعي أيضا من نوع الابداعات المستجدة وبعينها مما يرتكز عليها موضوع البحث أو موضوع المسألة ولنأخذ مثالاً حول القاعدة الأصولية وهي في واقعها من الأمور المحورية كالترتب والمزاحمة بين الأهم والمهم فينطلق الأصولي في تشكيل قياس منطقي مترتب الأثر على كثير من الموارد التي تقع في محور تزاحم الملاكين كمعالجة الطبيب المريض عندما يكون بين محذورين في ناحية رفع خطر الموت عنه فينتقل الطبيب إلى إقرار الموارد ليحصل على نجاح حياة المريض ولو بقطع بعض أعضاءه كما لو أصيب بمرض السرطان في أحد أعضاءه فتجد الطبيب يقدم على قطع ذلك العضو لعدم سراية المرض إلى الأعضاء الأخرى، وهكذا الحال في دور المحورية في المجالات الأخرى، وذلك في انطباق القاعدة الفقهية على موضوع المحورية في مسألة لا ضرر ولا ضرار فإنّ مقتضى القاعدة عندما تطبق على مورد المسألة في مثل دخول الإنسان بدار زيد لانقاذه من الكهرباء إن كان الدخول يحتاج إلى إجازة بالدخول وأنه اضرار به لحق الملكية ولكن وقوع الإنسان بضرر الموت وهو الأهم أوجب تزاحم حق الإنسان المالكي وبين الحق الأهم وهو الانقاذ فيقدم الثاني على الأول ويكون ذلك من نوع تزاحم قاعدة السلطنة وقاعدة لا ضرر.
أو مثل القاعدة الفلسفية بالنظر إلى المحورية العامة أو المحورية الخاصة كالارجاع إلى محورية احتياج الممكن إلى اصالة الوجود أو أصالة الماهية فيمكسه أخذ المحورية على كل واحد من الاصالتين أو الإرجاع الى المؤثر فتارة في المبدأ وأخرى في المنتهى أيضا فإنّ قانون المحورية في أصل كبرى الاحتياج ثابتةً أمّا بالنسبة إلى المبدأ أو المنتهى فهما متفرعان عن مقام أصل المحورية أو مثل أنّ الواحد لا يصدر منه إلاّ الواحد فإنّ جهة المحورية أيضا ناظرة إلى أصل القاعدة الأعم من الواحد الواجبي أو الواحد الامكاني أو يمكن اختراق مثل هذه المحورية الفلسفية بعدم تماميتها في الواجب لتمام قدرته على الخلق والايجاد بالطول والعرض، وأمّا بالنسبة
إلى الممكن فالقاعدة مسلمة وإنّ المحورية ثابتة في الجانب الامكاني دون الواجبي.
وأمّا المحورية العقائدية وذلك بالنسبة إلى المعتقد المسيحي في الاعتقاد بالتثليث وهي القائمة على الأب والابن وروح القدس وأنه لا يمكن الفصل عن هذه المحورية في الأقانيم الثلاثة.
أو كما يقال في المحور الاسلامي بأنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هو المحور الذي يستمد منه المسلمون تعاليمهم وأحكامهم لأنه المبشر والمنذر والهادي.
ثم أنّ المحورية هل يراد بها المفهوم العام في جميع العلوم كقانون منطقي عام أو يبحث عنها بنحو خاص بما أنها ترتبط بموضوع خاص كالبحث عن البراءة الشرعية لإناطة الجعل الشرعي في موضوع رفع القلم مثلاً عن الصبي أو المجنون أو بما لا يعلم فإنّ المحورية الخاصة قد ارتبطت بموضوعها الشرعي ولم تسرِ إلى الموارد الأخرى فإنّ الاطلاق المحورية على كل من الأمرين مما لا اشكال فيه علميا وإنما الذي يبنى عليه موضوع المحورية في المجال الابداعي العلمي وليس في ناحية الاطلاق المحورية بما هي فذاك بحث آخر، وإنما موضوع البحث الرجوع إلى جهة العلاقة بين المحورية والجانب الابداعي العلمي من منطلق الضابطة العلمية.
حيث أنّ حقيقة الإبداع كما أسلفنا يقوم على أساس معرفي سواء كان من منطلق الحركة الاستنباطية أم الحركة الاستقرائية وإنّ كلاً منهما في حال الوصول إلى الإبداع العلمي قد يشكل صورة محورية تناط سلسلة الأصول الخاصة تحت ذلك الإبداع ويكون بالنتيجة أنها محط الحركة الأصولية المستقاة من المحورية الابداعية وقد يكون النظر في ناحية الإبداع إلى أصول جديدة يرتبط بالمسألة أو الموضوع الخاص ولا يتعدى إلى الموارد الأخرى، وهذا وإن أطلق عليه بالابداع الخاص كما يطلق عليه بالمحور في موضوع معين فإنّ مثل الشك في أفعال المكلفين وإن جاء به الإمام عليه‏السلام المعصوم في خلق محورية أصولية لوظيفة الفقيه عند عدم الحصول على العلم أو العلمي فينطلق على المحورية الأصولية الشكلية لأفعال المكلفين أو عندما يتفرع الأصول الخاصة كالإرجاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي من منطلق الأصول الاستظهارية اللفظية وهي أصولية فرعية وهي أيضا محورية خاصة فلا تخرج عن
دائرة الأصولية العامة التكليفية لأفعال المكلفين فإنّ الأصولية العامة محورية عامة والأصولية في مسألة اجتماع الأمر والنهي أو بحث المشتق أو الترتب محورية خاصة وهي بعينها من نوع الابداعات العلمية الخاصة أيضا فقد اجتمعت الابداعات العلمية والأصولية المحورية الخاصة.

الإبداع والآفاقية
بعد بيان الإبداع والمحورية العامة والخاصة يحسن أن نتناول البحث عن الإبداع والجهة الآفاقية حيث يراد بها التطلعات العامة كما في آفاق السماء أو النظر إلى الأجرام الكونية التي تضم المجرات والفضاء اللامتناهي والتفكر في مخلوقات هذه العوالم وهذا ما حصل في العصر الحالي في غزو الفضاء وما يطلق عليه بحرب النجوم وكان أول رائد الفضاء الأول هو رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عندما عرج به إلى السماء وجاء برسالات السماء والوحي الإلهي.
وإنما الكلام بما يرتبط بين علاقة الإبداع بالآفاقية وهو التطلع العام في الحركة العلمية العامة فربما يأخذ بالآفلاق على نحو النظرية وذلك في مثل نظرية جاليلو عندما توصل إلى الجاذبية عند سقوط الجسم من الأعلى فانتقل إلى قانون الجاذبية فعندما أقرها تحت الضابطة الكلية كانت ابداعا علميا وعندما انتقل إلى أصل النظرية كانت نظرية مجردة ولم تدخل تحت دائرة الإبداع وبذلك يتضح الفرق بين الإبداع والنظرية كما سبق البحث عن ذلك.
أمّا ما يخص موضوع علاقة الإبداع بالجهة الآفاقية وهي التوغل في فضاء المعرفة والتطلع عن حقائق الأشياء ومفاهيمها العلمية التي تدخل تحت الضوابط العلمية دون مجرد التخيل المحض أو التصورات العلمية الفضفاضة التي لا تبتني على القواعد والمعايير فإنها لا تكون آفاقية علمية، وإنما هي آفاقية تصورية تخطر في أفق الذهن فينتقل من عالم تصوري إلى تصوري آخر وذلك لأسباب تداعي المعاني والمحاكاة في ناحية التصورات العلمية.
وأمّا ما يطلق عليه بالآفاق لمحض الانتظار عند توقع الشيء وحدوثه كالنظر إلى
آفاق السماء، وهذا ما حدث لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في تغيير القبلة كما ورد عن الصدوق في الفقيه صلّى رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاثة عشر سنة بمكة وتسعة عشر شهر بالمدينة ثم عيّرته اليهود فقالوا له أنت تابع قبلتنا فاغتمّ لذلك غمّا شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يقلب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلى الغداة فلما صلى من الظهر ركعتين جاء جبرئيل عليه‏السلام وقال: «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام»، حيث أخذ بيد النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فحوّل وجهه إلى الكعبة وحوّل من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخرها فكان لفظ تقلب وجهه عليه‏السلام في آفاق السماء لأجل التأمل في حدوث ما يقع مستقبلاً وهو قصد ما يتصور وقوعه في ناحية انتظار توقع حدوث الشيء.
و أما الابتناء فيه على الحركة العلمية أن يتصور في عالم الآفاق إما أن يكون لبيان آفاق أصل التصور وهو عالم الذهن الواسع وهو ما يعبر عنه بالقوة المتخيلة التي قصد بها إرسال التصور في مجال العلم والأخذ بمحور التصورات العلمية النابعة عن القوانين والضوابط العلمية تارة بما لها من الإناطة بمحور معين وموضوع محدد وأخرى هو الارسال نحو عرض المحتملات بمقياس استقرائي عام كما هو الحال في ضرب حساب المحتملات أو ما يصطلح عليه باحتمال أطراف العلم الاجمالي أمّا من حيث الإرجاع فيها إلى عالم العنوان أو المعنون فإنه على كلا الأمرين يمكن تصور الآفاقية في كل منهما.

الآفاقية العنوانية أو المعنومية
أمّا بيان آفاقية العنوان فيراد بها أن يكون هناك حالة من التردد والاحتمال في ناحية انطباق العلم المردد على عدة تصورات ذهنية قابل لانطباق العلم عليها كتردد العلم الاجمالي على وجود تصور زيد العلمي أو تصور عمر العلمي أو تصور بكر
العلمي، وهكذا فإنّ التردد في أفق عالم الذهن بلحاظ العنوان من حيث الصور الذهنية دون أخذ شخص زيد بلحاظ معنونه أو عمر بلحاظ معنونه أو بكر بلحاظ معنونه ووجوده الشخصي.
كما أنّ الآفاقية المعنونية وهي الإرجاع إلى حساب الاحتمالات من حيث الإرجاع إلى المحتملات دون النظر إلى ذات الاحتمالات من حيث الجهة العنوانية وإنما الملاحظ في الاحتمالات من جهة المحتملات ويكون ذلك بنحو الناظرية من جهة العنوان إلى المعنون في مقام التطبيق دون الانطباق وعليه تنصب جهة الآفاقية إلى المعنونات بما أنها في مقام الخارج وهذا ما يحدث في ناحية حركة الإستقراء بطريق الإرجاع إلى المحتملات الناقصة لأنّ كل ما يتحرك من أجله تفرض له وجودا آخر... وهكذا.
فإنه يقع في ناحية الجهة الآفاقية بطريق الخطوط الطولية أو العرضية أو الآفاقية العمودية كما في الخطوط الوهمية لما بين القطبين وملاحظة النقاط الوهمية اللامتناهية بين كل نقطة ونقطة فإنّ ذلك يطلق عليها بالآفاقية المعنونية في مقام النقاط الوهمية التي تشكل عدة تصورات في ناحية المحتمل.
المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

الإبداع بين المحورية والآفاقية

الإبداع بين المحورية والآفاقية
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 ن ع 7 5 ب4 ي3) حقوق النشر محفوظة
بما أنّ موضوع المحورية يقوم على المركزية ويدور عليه قطب الرحى سواء كان ذلك من طرف الدفع أو الرفع أو الطرد والعكس؛ ولذا أنّ جميع العلوم تقوم على المحورية تارة بما أنها الصلب في ناحية الموضوع العلمي كموضوع الكلمة والكلام في النحو أو المعلوم التصوري والتصديقي في المنطق أو موضوع العدد في العلم الرياضي أو الكم امتصل في علم الهندسة، وأخرى بما أنها ناظرة إلى الحمل كما في مسألة الأعراب والبناء بما أنهما يحملان على الكلمة والكلام أو المعرف والحجة بما أنهما يعرضان على المعلوم التصوري والتصديقي.
وبذلك يطلق المحور على محور الأرض وهو الخط الوهمي يصل القطب الشمالي بالقطب الجنوبي مارا بمركز الأرض ومن حوله تدور الأرض على نفسها كل 24 ساعة ولمحور الأرض ميل ثابت مقداره 5/66 درجه على مستوى مدار الأرض الفلكي ووضعه ثابت لا يتغير في كل فصول السنة .

والمهم في البحث هو الانطلاق نحو علاقة الإبداع بالمحورية حيث أنّ ما يرتكز عليه موضوع الإبداع هو التجدد في الأمر الاستنباطي أو التجدد في الأمر الاستقرائي، ولكن لكل من الجانب الاستنباطي والاستقرائي يأخذان شكلاً حركيا قد يصل كل واحد منهما إلى المحورية في البحث ويكون ذلك مسلما عند الجميع وقد يكون النظر إلى المحورية على أساس من اليقظة العلمية بأن تصبح جميع الحركات
مستندة إليها بما أنها تحمل الطاقة العظمى كما في المفاعلات النووية حيث إرجاع كافة الحركات إليها سواء كانت إيجابية أم سلبية أو كالارجاع إلى مثل القواعد الأصولية أو الفقهية أو الفلسفية أو العقائدية أيضا تعكس حالة من المحورية وهي في واقعها الموضوعي أيضا من نوع الابداعات المستجدة وبعينها مما يرتكز عليها موضوع البحث أو موضوع المسألة ولنأخذ مثالاً حول القاعدة الأصولية وهي في واقعها من الأمور المحورية كالترتب والمزاحمة بين الأهم والمهم فينطلق الأصولي في تشكيل قياس منطقي مترتب الأثر على كثير من الموارد التي تقع في محور تزاحم الملاكين كمعالجة الطبيب المريض عندما يكون بين محذورين في ناحية رفع خطر الموت عنه فينتقل الطبيب إلى إقرار الموارد ليحصل على نجاح حياة المريض ولو بقطع بعض أعضاءه كما لو أصيب بمرض السرطان في أحد أعضاءه فتجد الطبيب يقدم على قطع ذلك العضو لعدم سراية المرض إلى الأعضاء الأخرى، وهكذا الحال في دور المحورية في المجالات الأخرى، وذلك في انطباق القاعدة الفقهية على موضوع المحورية في مسألة لا ضرر ولا ضرار فإنّ مقتضى القاعدة عندما تطبق على مورد المسألة في مثل دخول الإنسان بدار زيد لانقاذه من الكهرباء إن كان الدخول يحتاج إلى إجازة بالدخول وأنه اضرار به لحق الملكية ولكن وقوع الإنسان بضرر الموت وهو الأهم أوجب تزاحم حق الإنسان المالكي وبين الحق الأهم وهو الانقاذ فيقدم الثاني على الأول ويكون ذلك من نوع تزاحم قاعدة السلطنة وقاعدة لا ضرر.
أو مثل القاعدة الفلسفية بالنظر إلى المحورية العامة أو المحورية الخاصة كالارجاع إلى محورية احتياج الممكن إلى اصالة الوجود أو أصالة الماهية فيمكسه أخذ المحورية على كل واحد من الاصالتين أو الإرجاع الى المؤثر فتارة في المبدأ وأخرى في المنتهى أيضا فإنّ قانون المحورية في أصل كبرى الاحتياج ثابتةً أمّا بالنسبة إلى المبدأ أو المنتهى فهما متفرعان عن مقام أصل المحورية أو مثل أنّ الواحد لا يصدر منه إلاّ الواحد فإنّ جهة المحورية أيضا ناظرة إلى أصل القاعدة الأعم من الواحد الواجبي أو الواحد الامكاني أو يمكن اختراق مثل هذه المحورية الفلسفية بعدم تماميتها في الواجب لتمام قدرته على الخلق والايجاد بالطول والعرض، وأمّا بالنسبة
إلى الممكن فالقاعدة مسلمة وإنّ المحورية ثابتة في الجانب الامكاني دون الواجبي.
وأمّا المحورية العقائدية وذلك بالنسبة إلى المعتقد المسيحي في الاعتقاد بالتثليث وهي القائمة على الأب والابن وروح القدس وأنه لا يمكن الفصل عن هذه المحورية في الأقانيم الثلاثة.
أو كما يقال في المحور الاسلامي بأنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هو المحور الذي يستمد منه المسلمون تعاليمهم وأحكامهم لأنه المبشر والمنذر والهادي.
ثم أنّ المحورية هل يراد بها المفهوم العام في جميع العلوم كقانون منطقي عام أو يبحث عنها بنحو خاص بما أنها ترتبط بموضوع خاص كالبحث عن البراءة الشرعية لإناطة الجعل الشرعي في موضوع رفع القلم مثلاً عن الصبي أو المجنون أو بما لا يعلم فإنّ المحورية الخاصة قد ارتبطت بموضوعها الشرعي ولم تسرِ إلى الموارد الأخرى فإنّ الاطلاق المحورية على كل من الأمرين مما لا اشكال فيه علميا وإنما الذي يبنى عليه موضوع المحورية في المجال الابداعي العلمي وليس في ناحية الاطلاق المحورية بما هي فذاك بحث آخر، وإنما موضوع البحث الرجوع إلى جهة العلاقة بين المحورية والجانب الابداعي العلمي من منطلق الضابطة العلمية.
حيث أنّ حقيقة الإبداع كما أسلفنا يقوم على أساس معرفي سواء كان من منطلق الحركة الاستنباطية أم الحركة الاستقرائية وإنّ كلاً منهما في حال الوصول إلى الإبداع العلمي قد يشكل صورة محورية تناط سلسلة الأصول الخاصة تحت ذلك الإبداع ويكون بالنتيجة أنها محط الحركة الأصولية المستقاة من المحورية الابداعية وقد يكون النظر في ناحية الإبداع إلى أصول جديدة يرتبط بالمسألة أو الموضوع الخاص ولا يتعدى إلى الموارد الأخرى، وهذا وإن أطلق عليه بالابداع الخاص كما يطلق عليه بالمحور في موضوع معين فإنّ مثل الشك في أفعال المكلفين وإن جاء به الإمام عليه‏السلام المعصوم في خلق محورية أصولية لوظيفة الفقيه عند عدم الحصول على العلم أو العلمي فينطلق على المحورية الأصولية الشكلية لأفعال المكلفين أو عندما يتفرع الأصول الخاصة كالإرجاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي من منطلق الأصول الاستظهارية اللفظية وهي أصولية فرعية وهي أيضا محورية خاصة فلا تخرج عن
دائرة الأصولية العامة التكليفية لأفعال المكلفين فإنّ الأصولية العامة محورية عامة والأصولية في مسألة اجتماع الأمر والنهي أو بحث المشتق أو الترتب محورية خاصة وهي بعينها من نوع الابداعات العلمية الخاصة أيضا فقد اجتمعت الابداعات العلمية والأصولية المحورية الخاصة.

الإبداع والآفاقية
بعد بيان الإبداع والمحورية العامة والخاصة يحسن أن نتناول البحث عن الإبداع والجهة الآفاقية حيث يراد بها التطلعات العامة كما في آفاق السماء أو النظر إلى الأجرام الكونية التي تضم المجرات والفضاء اللامتناهي والتفكر في مخلوقات هذه العوالم وهذا ما حصل في العصر الحالي في غزو الفضاء وما يطلق عليه بحرب النجوم وكان أول رائد الفضاء الأول هو رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله عندما عرج به إلى السماء وجاء برسالات السماء والوحي الإلهي.
وإنما الكلام بما يرتبط بين علاقة الإبداع بالآفاقية وهو التطلع العام في الحركة العلمية العامة فربما يأخذ بالآفلاق على نحو النظرية وذلك في مثل نظرية جاليلو عندما توصل إلى الجاذبية عند سقوط الجسم من الأعلى فانتقل إلى قانون الجاذبية فعندما أقرها تحت الضابطة الكلية كانت ابداعا علميا وعندما انتقل إلى أصل النظرية كانت نظرية مجردة ولم تدخل تحت دائرة الإبداع وبذلك يتضح الفرق بين الإبداع والنظرية كما سبق البحث عن ذلك.
أمّا ما يخص موضوع علاقة الإبداع بالجهة الآفاقية وهي التوغل في فضاء المعرفة والتطلع عن حقائق الأشياء ومفاهيمها العلمية التي تدخل تحت الضوابط العلمية دون مجرد التخيل المحض أو التصورات العلمية الفضفاضة التي لا تبتني على القواعد والمعايير فإنها لا تكون آفاقية علمية، وإنما هي آفاقية تصورية تخطر في أفق الذهن فينتقل من عالم تصوري إلى تصوري آخر وذلك لأسباب تداعي المعاني والمحاكاة في ناحية التصورات العلمية.
وأمّا ما يطلق عليه بالآفاق لمحض الانتظار عند توقع الشيء وحدوثه كالنظر إلى
آفاق السماء، وهذا ما حدث لرسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في تغيير القبلة كما ورد عن الصدوق في الفقيه صلّى رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى بيت المقدس بعد النبوة ثلاثة عشر سنة بمكة وتسعة عشر شهر بالمدينة ثم عيّرته اليهود فقالوا له أنت تابع قبلتنا فاغتمّ لذلك غمّا شديدا فلما كان في بعض الليل خرج صلى‏الله‏عليه‏و‏آله يقلب وجهه في آفاق السماء فلما أصبح صلى الغداة فلما صلى من الظهر ركعتين جاء جبرئيل عليه‏السلام وقال: «قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام»، حيث أخذ بيد النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله فحوّل وجهه إلى الكعبة وحوّل من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء والنساء مقام الرجال فكان أول صلاته إلى بيت المقدس وآخرها فكان لفظ تقلب وجهه عليه‏السلام في آفاق السماء لأجل التأمل في حدوث ما يقع مستقبلاً وهو قصد ما يتصور وقوعه في ناحية انتظار توقع حدوث الشيء.
و أما الابتناء فيه على الحركة العلمية أن يتصور في عالم الآفاق إما أن يكون لبيان آفاق أصل التصور وهو عالم الذهن الواسع وهو ما يعبر عنه بالقوة المتخيلة التي قصد بها إرسال التصور في مجال العلم والأخذ بمحور التصورات العلمية النابعة عن القوانين والضوابط العلمية تارة بما لها من الإناطة بمحور معين وموضوع محدد وأخرى هو الارسال نحو عرض المحتملات بمقياس استقرائي عام كما هو الحال في ضرب حساب المحتملات أو ما يصطلح عليه باحتمال أطراف العلم الاجمالي أمّا من حيث الإرجاع فيها إلى عالم العنوان أو المعنون فإنه على كلا الأمرين يمكن تصور الآفاقية في كل منهما.

الآفاقية العنوانية أو المعنومية
أمّا بيان آفاقية العنوان فيراد بها أن يكون هناك حالة من التردد والاحتمال في ناحية انطباق العلم المردد على عدة تصورات ذهنية قابل لانطباق العلم عليها كتردد العلم الاجمالي على وجود تصور زيد العلمي أو تصور عمر العلمي أو تصور بكر
العلمي، وهكذا فإنّ التردد في أفق عالم الذهن بلحاظ العنوان من حيث الصور الذهنية دون أخذ شخص زيد بلحاظ معنونه أو عمر بلحاظ معنونه أو بكر بلحاظ معنونه ووجوده الشخصي.
كما أنّ الآفاقية المعنونية وهي الإرجاع إلى حساب الاحتمالات من حيث الإرجاع إلى المحتملات دون النظر إلى ذات الاحتمالات من حيث الجهة العنوانية وإنما الملاحظ في الاحتمالات من جهة المحتملات ويكون ذلك بنحو الناظرية من جهة العنوان إلى المعنون في مقام التطبيق دون الانطباق وعليه تنصب جهة الآفاقية إلى المعنونات بما أنها في مقام الخارج وهذا ما يحدث في ناحية حركة الإستقراء بطريق الإرجاع إلى المحتملات الناقصة لأنّ كل ما يتحرك من أجله تفرض له وجودا آخر... وهكذا.
فإنه يقع في ناحية الجهة الآفاقية بطريق الخطوط الطولية أو العرضية أو الآفاقية العمودية كما في الخطوط الوهمية لما بين القطبين وملاحظة النقاط الوهمية اللامتناهية بين كل نقطة ونقطة فإنّ ذلك يطلق عليها بالآفاقية المعنونية في مقام النقاط الوهمية التي تشكل عدة تصورات في ناحية المحتمل.
المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

الإبداع بين العقل الجمعي والعقل الفردي

الإبداع بين العقل الجمعي والعقل الفردي
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 ا 90 ز 3 ي2 ر 1 ى 6 ة 89) حقوق النشر محفوظة
من الأمور المهمة التي ينبغي أن تبحث وهي كينونة الإبداع في واقعه الموضوعي هل قائم على العقل الجمعي أو قائم على العقل الفردي حيث تحدثنا في كتابنا علم الاجتماع بين المتغير والثابت وقلنا هناك بإصالة العقل الفردي دون التمسك بالعقل الجمعي لما بنينا عليه هناك من الإرجاع إلى حقيقة العقل الفردي إلى الأمر الانتزاعي الناشى‏ء من محل انتزاعه و هذا يستدعى أن يكون وجوداً بسيطاً في جميع
الأنحاء حتى لو كان ذلك الانتزاع ناشئاً من تراكم العقول فإنّ مآل العقل عندئذٍ إلى العقل الفردي دون العقل الجمعي، هذا بالإضافة إلى ما قررناه في كتابنا نقد المذهب التجريبي أنّ جميع الحركات المادية بما أنها متغيرة وغير ثابتة في أصل وجودها ولا سيما على البناء في الحركة الجوهرية فإنّ كل أمر مادي مرجعه إلى عدم الثبات بالإضافة إلى ما يرتدي من ألبسة والصور المتعددة حيث يبتنى دائما على الخلع واللبس بلحاظ أصل وجود المادة بخلاف ما يبتنى عليه العقل فهو قائم على الثبات وعدم التغيير كالقوانين والضوابط المعيارية فإنّ مثل الواحد لا يكون متغيرا في بعض الأزمنة بحيث يكون يوماً من الأيام منتقلاً إلى عدد اثنين. وهكذا في بقية الأعداد الأخرى، وكذا ما كان في حدود المربع أو المثلث لا يمكنهما الانتقال إلى المستطيل والمثلث إلى الأفقي أو العمودي. وهكذا فهي قوانين ثابتة غير متحركة ولها ثباتها، وكذا الحال بالنسبة إلى بساطة العقل عند انتزاعه من منشأ انتزاعه يكون بسيطا بما أنه مفهوم ومقتضى طبيعة المفهوم في واقعه الموضوعي يكون بسيطا ولا يكون مركبا.
وعلى ضوء ما حررنا يتضح أنّ الإبداع إنّما يتولد من الحركة العقلية عندما ينتقل من المطالب إلى المبادئ بأسباب عقلية جماعية أو فردية فإنّ مآله إلى الوصول إلى نتيجة قطعية من خلال ضم المقدمة الصغرى إلى الكبرى أو عن طريق الانتقال من الجزء إلى الكل بواسطة أدلة الإستقراء فهو لم يخرج عن إطار البساطة بحسب واقعه.
ولكن البحث من منطلق الاجتماع فيرى علماء الاجتماع أنّ ما يثير حركة الإبداع ينقدح من زاوية الجماعة لحصوله على بنية التراكم العددي دون الوجود الفردي كما يحدثنا (غوستاف لوبون في كتابه علم نفس الجموع ) حيث يرى أنّ الجماعة تحبط القدرات الفردية المتميزة إذ يقول في ذلك (إنّ المكتسبات الفردية تضمحل في إطار الجمع وتزول معها الشخصية الخاصة لكل واحد ) ويقول في موطن آخر (إنّ الإنسان بمجرد انتسابه إلى جمع من الجموع يهبط إذا عدة درجات على سلم الحضارة فلعلة كان وهو منعزل فردا مثقفا أمّا في وسط الجمع فهو غريزي وبالتالي همجي ).
وهذا يختلف عما عليه (كارليل ويفيز) وجماعة أخرى حيث يقدّمون الإبداع
الفردي على الإبداع الجمعي وينظرون إلى الإبداع بما هو نتاج روح فردية لأنّ الاكتشافات والإبتكارات التي تمت في الماضي وفي الوقت الحاضر أيضا قد ارتبطت بإسم شخص أو فرد واحد.
وخرج جماعة من القائلين بالابداع الفردي وذلك عن طريق الدليل الإستقرائي حيث ظهرت هذه النتائج في كتاب الإبداع فعالم النفس (تايلور) يؤكد على أنّ الطرائق الجماعية لا تحقق انجازات عالية إبداعية فعندما تعمل مجموعة من الأفراد بعضها مع بعض فغالبا ما يقتصر انتاجها على الترابطات السطحية (الأفقية) وقليلاً جدا ما تصل إلى الترابطات العميقة (العمودية ) وهناك أفكار مشابهة لهذه أكدها (ارنولد) منظم مختبر (الإبداع الهندسي) والمهندس (باس) الاختصاصي بمشكلات النشر ويؤكد هذا الأخير على أنه لم يتم في تاريخ العلم أي انجاز متميز من قبل الجماعة حيث أنّ النظريات الكبرى والأفكار الفعالة كانت على الدوام نتاجات لروح فردية أو لشخص واحد، ومن الأهمية بمكان أنّ هذه التأكيدات قد جاءت متعارضة مع الهدف نفسه للإجتماع حيث أنّ المشتركين أوجدوا أفكارا جديدة على أساس من المناقشة والتعاون بين الأفراد.
ويرى (ليبوتيه) أنّ الإبداع الجماعي في النتاج الأخير ما هو الإنتاج الأفراد إن لم نقل هو نتاج روح فردية واحدة.
كل هذه الأطروحات القائلة بتقديم الإبداع الفردي على الجماعي أو العكس يحتاج إلى دلالة مبنائية قائمة على قواعد علمية وليس النظر إلى ما وقع خارجا هو اثباته عن طريق الإستقراء وحصول النتاج الفعلي في مقام الخارج فإنّ ذلك ليس فهما علميا كما هو الذي يناسبه في التدوين أن يطرح موضوع الإبداع كحقيقة علمية قائمة على أسس من التجديد في الضوابط والقواعد بغض النظر عن المبادئ سواء كانت إستقرائية أم إستنباطية فإنّ ما يبتني عليه أسس الإبداع من منطلق النتاج الفردي دون النتاج الجماعي وأمّا بالنسبة إلى النتاج الجماعي فيكون ذلك بوسائل الإعداد عن طريق المقدمات للحصول على النتيجة الأخيرة إن ما يتوصل إليه العقل الجمعي من خلال التراكم العددي بطريق الأعداد في ناحية اطروحة المكتشف العلمي كما حدث لمثل
خمسة مبدعين بريطانيين إنجاز اكتشافاتهم وهم (بارنس) و (إليس) و (جون بيكر) في البناء، وكذا في مثل (فرانك) و يمثل في إنجاز المحرك العنقي أو المحرك التوربيني، وكذا للستير بيلكينفتون في صناعة الزجاج فإنّ كل هؤلاء يمثلون حالة من الإعداد في ناحية التوصل إلى النتاج وإنّ الوصول إلى النتيجة مرجعها إلى العقل الفردي.
وأمّا قوة الإبداع أو ضعفه فهو ناتج عن المقدمات سواء كان بطريق العقل الجمعي أو بطريق العقل الفردي وليس ذلك لسبب ضعف العقل الفردي أمام العقل الجمعي أو العكس وإنما كما يقال النتيجة تابعة لأخس المقدمتين فإذا كانت المقدمة في الجانب الجمعي قوية يصبح الإبداع قويا، وهكذا بالنسبة إلى العقل الفردي.
هذا مع أنه لابدّ من الفرق بين ما يرتكز عليه النتاج القائم عليه موضوع مركب في أصل وجوده كما في العلوم الصناعية فإنّ النتاج الذي ينعقد عليه حركة الإبداع يكون أمرا مركبا وبالتالي إذا قامت جماعة على تكوين أحد الأجزاء الذي من خلال تلك الأجزاء يتكون ذلك الوجود التركيبي فليس ذلك لسبب العقل الجمعي، بل لسبب أصل حقيقة الموضوع التركيبي قد بنى على وجود أجزاء قام كل طرف في إنجاز ما تعلق به ويكون بالنتيجة من نوع انحلال العقل الجمعي إلى أجزاء بلحاظ تعدد الموضوع، وليس من حيث أصل عنوان الانتزاع العام الذي حصل من خلال التراكم العقلي، وهذا ما نجده قد اختلط عليه الكثير من رواد العقل الجمعي.
وأمّا ما يقال بأنه قد أكد بعضهم بنسبة 21 ـ 81% على أنّ التكامل بين الخبرات وأشاروا إلى أنّ الجماعة تستوعب المشكلات أكثر لدى الجماعة تنمو ظروف الصياغة والاعداد المتكامل للمشكلات وفي إطار الجماعة تتسع دائرة الرؤية، إنّ الفرد الواحد لا يعرف كل شيء، في إطار الجماعة يتم توزيع المهمات تأتي فكرة العادة من شخص وتأتي فكرة أخرى من الآخرين، وهكذا تتكامل فكرتان أو ثلاث فكر تتكامل الخصائص لدى أفراد الجماعة لأنه لا يمكن لكل الخصائص أن تكون موجودة في نفسها لدى فرد واحد، إن تنوع المؤهلات واختلاف الفعاليات ضمن الجماعة يسمح بإعداد أكثر شمولاً ويمكن تناول المشكلات من وجهات نظر مختلفة .

فإنه يقال أنه كما أشرنا إلى أنّ البناء على العقل الجمعي تارة من خلال التراكم في ناحية الاختيارات عن طريق المقدمات وتكون النتيجة موحدة عند الجميع، وأخرى ينظر إلى العقول على أساس من الإنحلال بحيث أنّ أي عقل يرجح بؤخذ به ويترك الباقي، وثالثة يؤخذ العقل بنحو الوحدة الحقيقية فيما بين العقول فينظر إلى العقل بحيثيتين أحدهما العنوان الإنحلالي إذا أخذ كل عقل منحلاً ومنعزلاً عن الآخر في ناحية أصل الصيرورة وثانيهما ينظر إليه على نحو الجمع في حال تراكمها لانشاء وحدة جمعية يترتب عليها آثارها العملية وكل من هذه التصورات لم تخرج عن إطار العقل الفردي، وأمّا ما يحصل من النقاش العلمي والحوار فيما بين الأساتذة أو الطلاب ووصولهم إلى قدر جامع في ناحية موضوع المسألة فذاك أيضا من نوع الوصول إلى العقل الفردي، أمّا الانقداح إلى حالة من الوصول إلى فكرة ما وراء ذلك الاستنتاج فهو وإن اتسم بالابداع إلاّ أنه أيضا من نوع الوصول إلى الإبداع الفردي.
المصدر بحث رقم ( 105 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري

الجمعة، 9 أكتوبر 2009

من حكم أمير المؤمنين وسيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب (ع)




بسم الله الرحمن الرحيم


من حكم أمير المؤمنين وسيد الوصيين الإمام علي بن أبي طالب (ع)


سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 502201 )حقوق النشر محفوظة

منقول عن الدكتور الشيخ سجاد الشمري


رأى امير ألمؤمنين (عليه السلام) جابر بن عبدالله (رضي الله عنه) وقد تنفس الصعداء.
فقال عليه السلام : ياجابرعلى ماتنفسك , أعلى الدنيا ؟
فقال جابر : نعم .
فقال له :ياجابر ملاذ الدنيا سبعة : المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح والمركوب والمشموم والمسموع ، فألذ المأكولات العسل وهو بصق من ذبابة، وأحلى المشروبات الماء ، وكفى بإباحته وسباحته على وجه الارض، وأعلى الملبوسات الديباج وهو من لعاب دودة، وأعلى المنكوحات النساء وهو مبال في مبال ، ومثال لمثال، وإنما يراد أحسن مافي المرأة لأقبح ما فيها، وأعلى المركوبات الخيل وهن قواتل، وأجل المشمومات المسك وهو دم من سرة دابة، وأجل المسموعات الغناء والترنم وهو إثم ، فما هذه صفته لم يتنفس عليه عاقل .
قال جابر بن عبدالله : فوالله ماخطرت الدنيا بعدها على قلبي.